کد مطلب:167992 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:152

زهیر بن القین
هو زهیر بن القین بن قیس الانماری البجلی، كان رجلاً شریفاً فی قومه، نازلاً فیهم بالكوفة، شجاعاً، له فی المغازی مواقف مشهورة ومواطن مشهودة.. حجّ سنة ستین فی أهله، ثمّ عاد فوافق الحسین علیه السلام فی الطریق.. [1] فلحق به ولازمه حتّی استشهد بین یدیه فی كربلاء.


وقد ورد السلام علیه فی زیارة الناحیة: (السلام علی زهیر بن القین البجلی القائل للحسین علیه السلام وقد أذن له فی الانصراف: لاواللّه، لایكون ذلك أبداً! أأترك ابن رسول اللّه (ص) أسیراً فی ید الاعداء وأنجو أنا!؟ لاأرانی اللّه ذلك الیوم.). [2] .

وكانت لزهیر (رض) مواقف جلیلة فذّة مع الامام علیه السلام منذ أن انضمّ إلی ركبه حتی استشهد بین یدیه، یذكرها التأریخ وتقرأها الاجیال فتخشع إكباراً وتعظیماً لهذه الشخصیة الاسلامیة السامیة، ومن هذه المواقف:

لمّا بلغ الركب الحسینیّ (ذا حسم) خطب الامام علیه السلام أصحابه خطبته التی یقول فیها: (أمّا بعدُ، فإنّه نزل بنا من الامر ما قد ترون..) إلخ، قام زهیر وقال لاصحابه: أتتكلّمون أم أتكلّم؟

قالوا: بل تكلّم.

فحمد اللّه وأثنی علیه، ثم قال: قد سمعنا هداك اللّه یا ابن رسول اللّه مقالتك، واللّه لو كانت الدنیا لنا باقیة، وكُنّا فیها مخلّدین، إلاّ أنّ فراقها فی نصرك ومواساتك، لاثرنا النهوض معك علی الاقامة فیها! فدعا له الحسین وقال له خیراً.). [3] .

وروی أبومخنف: عن الضحّاك بن عبداللّه المشرقی قال: لمّا كانت اللیلة العاشرة خطب الحسین أصحابه وأهل بیته فقال فی كلامه: (هذا اللیل قد غشیكم فاتخذوه جملاً، ولیأخذ كلُّ رجل منكم بید رجل من أهل بیتی، فإنّ القوم إنّما یطلبونی)، فأجابه العبّاس علیه السلام وبقیّة أهله.. ثمّ أجابه مسلم بن عوسجة.. وأجابه سعید.. ثم قام زهیر فقال: واللّه لوددتُ أنّی قُتلت ثُمَّ نُشرتُ، ثمَّ قتلتُ حتّی أُقتل


كذا ألف قتلة! وأنّ اللّه یدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتیة من أهل بیتك! [4] .

وروی أبو مخنف عن علیّ بن حنظلة بن أسعد الشبامی، عن كثیر بن عبداللّه الشعبی البجلی قال: لمّا زحفنا قِبَل الحسین علیه السلام خرج إلینا زهیر بن القین علی فرسٍ له ذَنوب، وهو شاك فی السلاح فقال: یا أهل الكوفة، نذارِ لكم من عذاب اللّه نذارِ! إنَّ حقّاً علی المسلم نصیحة أخیه المسلم، ونحن حتّی الان إخوة وعلی دین واحدٍ وملّة واحدة مالم یقع بیننا وبینكم السیف! فإذا وقع السیف انقطعت العصمة، وكنّا أمّة وكنتم أمّة! إنّ اللّه قد ابتلانا وإیّاكم بذریّة نبیّه محمّد (ص) لینظر ما نحن وأنتم عاملون! إنّا ندعوكم إلی نصرهم وخذلان الطاغیة عبیداللّه بن زیاد، فإنّكم لاتُدركون منهما إلاّ السوء عُمَر سلطانهما كلّه، إنهما یسمّلان أعینكم، ویقطّعان أیدیكم وأرجلكم، ویمثّلان بكم، ویرفعانكم علی جذوع النخل! ویقتّلان أماثلكم وقرّأكم أمثال حُجر بن عدی وأصحابه، وهانی بن عروة وأشباهه!

قال: فسبّوه وأثنوا علی عبیداللّه وأبیه! وقالوا: واللّه لانبرح حتی نقتل صاحبك ومن معه! أو نبعث به وبأصحابه إلی الامیر!

فقال لهم زهیر: عبادَ اللّه! إنّ ولد فاطمة 3 أحقُّ بالودّ والنصر من ابن سمیّة، فإنْ لم تنصروهم فأُعیذكم باللّه أنْ تقتلوهم، فخلّوا بین هذا الرجل وبین یزید، فلعمری إنّه لیرضی من طاعتكم بدون قتل الحسین علیه السلام!

قال فرماه شمر بسهم وقال له: أُسكتْ أَسَكتَ اللّه نامتك! فقد أبرمتنا بكثرة كلامك!


فقال زهیر: یا ابن البوّال علی عقبیه! ما إیّاك أُخاطب، إنّما أنت بهیمة، واللّه ما أظنّك تُحكم من كتاب اللّه آیتین! فابشر بالخزی یوم القیامة والعذاب الالیم.

فقال له شمر: إنّ اللّه قاتلك وصاحبك عن ساعة!

قال زهیر: أفبالموت تخوّفنی!؟ واللّه للموت معه أحبّ إلیَّ من الخُلد معكم! قال: ثمّ أقبل علی الناس رافعاً صوته، وصاح بهم: عبادَ اللّه! لایُغرنّكم عن دینكم هذا الجلف الجافی وأشباهه، فواللّه لاتنال شفاعة محمّد (ص) قوماً هرقوا دماء ذریّته وأهل بیته! وقتلوا من نصرهم وذبّ عن حریمهم!

قال فناداه رجل من خلفه: یا زهیر، إنّ أبا عبداللّه یقول لك:

أَقْبِلْ، فلعمری لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ فی الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لونفع النصح والابلاغ! [5] .

وبعد عدّة حملات وصولات له (رض) فی یوم عاشوراء، رجع فوقف أمام الامام الحسین علیه السلام وأنشد مودّعاً إیّاه:



فدتك نفسی هادیاً مهدیّاً

ألیوم ألقی جدّك النبیّا



وحسناً والمرتضی علیّا

وذا الجناحین الشهید الحیّا [6] .




[1] راجع: إبصار العين: 161.

[2] معجم رجال الحديث، 7: 295، رقم 4750.

[3] تاريخ الطبري، 3:307؛ وإبصار العين: 162.

[4] راجع: تأريخ الطبري، 3:316؛ والارشاد:215 وإبصار العين: 164.

[5] راجع: تأريخ الطبري، 3:319؛ وإبصار العين: 165-166.

[6] راجع: إبصار العين: 167.